للاستماع إلى المقالة:
شكل قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech) خلال السنوات الماضية ثورة في مجال الأنظمة المالية العالمية والعربية ، وبالحديث عن المصارف وعلاقتها بصناعة التكنولوجيا المالية يمكن القول بأن هذه الصناعة وتطبيقاتها تمثل فرصاً وتحدياً في الوقت ذاته للقطاع المالي . إذ بات يُلبي الكثير من الحاجات والخدمات المتعلقة بالعمليات المالية المختلفة وبطرق تنافس إلى حد كبيرالعمليات المالية التقليدية من حيث التكلفة والسرعة .
وتتجسد التكنولوجيا المالية في شكل المنصات والتطبيقات والشركات التكنولوجية التي تعمل في خدمة القطاع المالي ، وعرف مجلس الإستقرار المالي Financial stability Board التكنولوجيا المالية بأعتبارها الإبتكارات المالية بإستخدام التكنولوجيا التي يمكنها إستحداث نماذج عمل وتطبيقات وعمليات ومنتجات جديدة لها آثر مادي وملموس علي الأسواق والمؤسسات المالية .
فقد نجحت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الرقمية في تقديم حزمة متنوعة من الخدمات المالية التي تتضمن ( خدمات المدفوعات ، والعملات الرقمية ، وتحويل الأموال ، وكذلك الأقراض ، والتمويل الجماعي ، وإدارة الثروات ، بالإضافة لخدمات التأمين ) كما نجحت في خلق الطلب علي تلك المنتجات .
وتلعب التكنولوجيا المالية دوراً هاماً في التصدي للتحديات الحرجة أمام تعزيز الشمول المالي ، إذ يعمل قطاع التكنولوجيا المالية تحت شعار Empowering The Un banking أو فيما يسمي بتمكين المستبعدين مالياً الغير مشمولين تحت مظلة القطاع المصرفي.
وذلك من خلال الإبتكارات التي تساعد علي تقديم الخدمات المالية للشريحة الأكبر للسكان التي لا تتعامل مع الجهاز المصرفي وتسهل إتاحة مصادر التمويل البديلة.
إذ يُعتبر المقياس الحقيقي لنجاح التكنولوجيا المالية هو قياس مدي مساهمتها في تعزيز الشمول المالي للفئات المستبعدة مالياً وتحسين فرص حصولهم علي التمويل خصوصاً الشركات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.
وفي هذا الإطار فقد حققت مملكة البحرين سبقاً مالياً وإقتصادياً في تعزيز إستيراتيجة الشمول المالي من خلال تكنولوجيا المعلومات والأتصالات والتكنولوجيا الرقمية ، إذ جاءت مملكة البحرين ف المرتبة الثانية عربياً في مؤشر الشمول المالي الصادر من البنك الدولي وذلك بنسبة شمول مالي قدرها 82% ، في حين احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة ال33 عالمياً والأولي عربياً بنسبة 84% ، وحصلت الكويت علي نسبة 73% والمملكة العربية السعودية 69% .
في حين أنه حقق مصرف البحرين المركزي تقدم ملحوظ في عدد من الإبتكارات التكنولوجية والرقمية تماشياً مع تنفيذ إستيراتيجة التحول الرقمي في قطاع الخدمات المصرفية .
فقد إرتفعت عدد عمليات بطاقات الأئتمان وبطاقات الخصم عبر منصات نقاط البيع بنسبة 14.3% لتصل إلي 73.7 مليون عملية في عام 2019
وإرتفعت قيمة هذه المعاملات بنسبة 23.1% مشكلة ما قيمته 24 مليار دينار بحريني
وإرتفعت عدد أجهزة نقاط البيع بنسبة 15% خلال العام 2019 ليصل إجمالي عدد الأجهزة 40.262 جهاز.
وسجل نطام تحويل الأموال الإلكتروني نمواً ملحوظاً حيث إرتفعت إجمالي المبالغ المحولة خلال نظام فوري ما يعادل 12.7 مليار دينار بحريني .
وإرتفعت عدد معاملات المحفظة الرقمية بنسبة 566.7% أي بقيمة 8 مليون دينار بحريني مقارنة بالعام الماضي.
وبسبب ما تمثلة التكنولوجيا المالية وتطبيقاتها من تحديات وفرص في أن واحد ـ يتعين علي الحكومات المحلية والمصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ علي سلامة ومتانة القطاع المالي وما بين تطوير الإبتكار وإطلاق العنان لهذه الإمكانات الكامنة ، حيث أنه من شأن هذه المقاربة المتوازنة تعزيز وسلامة المصارف وتحقيق الأستقرار المالي وحماية المستهلك وتعزيز الأمتثال للقوانين والتشريعات ، مع الأخذ في الإحتياط من قبل الحكومات والمصارف المركزية والجهات الرقابية بعدم إطلاق العنان لهذه الأمكانات الهائلة للتكنولوجيا المالية بمفرادتها كافة والتي تتضمن البلوكشين والعملات المشفرة قبل إجراء المزيد من الإصلاحات لسد الفجوات في الأطر المعنية بالقواعد التنظيمية وحماية المستهلك والأمن المعلوماتي فضلاً عن تحسين بيئة الأعمال والبيئة التحتية لتكنولوجيا المعلومات والأتصالات والتوعية المالية لأفراد المجتمع.
المراجع:
1. واقع الشمول المالي ودور التكنولوجيا المالية في تعزيزه، اتحاد المصارف العربية، الدراسات والأبحاث والتقارير، العدد 458
2. التكنولوجيا المالية وأبعادها المصرفية والاقتصادية، عدنان يوسف، رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين، الاثنين 9 يوليو 2018
3. التقرير الاقتصادي لمملكة البحرين 2019 ، التقارير الاقتصادية الفصلية لمملكة البحرين، وزارة المالية والاقتصاد الوطني https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/29510/211259ovAR.pdf .4
بقلم:
آلاء الله أسامة
"باحثة اقتصادية"
Comentários