للاستماع إلى المقالة:
البيئة الرقابية التجريبية بشكل مختصرRegulatory Sandbox هي بيئة افتراضية يتم طرحها من قبل هيئة منظمة في القطاع المالي تسمح للشركات باختبار وتجربة منتجاتها أو خدماتها أو حلولها القائمة على التكنولوجيا دون الحاجة إلى أخذ الموافقات التنظيمية [1]. إن الهدف الرئيسي من البيئة الرقابية التجريبية هو إيجاد بيئة محفزة للتكنولوجيا المالية والنهوض بالحلول الجديدة والإبداع.
وهناك أهداف أخرى للبيئة الرقابية التجريبية تتمثل في مواءمة القوانين مع النمو الهائل في شركات التكنولوجيا المالية دون إغراقها في القواعد والقوانين وفي نفس الوقت حماية أمن العملاء. بالإضافة إلى ذلك، تهدف البيئة الرقابية التجريبية إلى جذب انتباه المصارف والشركات الضخمة أملًا في زيادة استثمارهم في قطاع التكنولوجيا المالية [2]. ومن ناحية الشركات، تساعد البيئة في تجربة الحلول والمنتجات قبل طرحها، الأمر الذي يساعد في معرفة المشاكل التي قد تطرأ ثم حلها، حيث سيؤدي ذلك إلى تقليل التكاليف وزيادة الجودة بالنسبة للشركات. كما أنه سيساعد الهيئة المنظمة للقطاع المالي في معرفة تحديات هذا القطاع وطريقة التماشي معه. وهناك ارتباط مباشر بين البيئة الرقابية التجريبية وأهداف التنمية المستدامة الذي يتمثل أحدها في بناء مجتمعات مستدامة من خلال التكنولوجيا وريادة الأعمال.
وهناك نماذج عديدة لدول استفادت من البيئة الرقابية التجريبية مثل بريطانيا وسنغافورة والبحرين. وقد صبت هذه الدول جم تركيزها على ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة والتكنولوجيا المالية. وفي هذا الجانب، قفزت البحرين 20 مركزًا لتحتل المرتبة 75 في قائمة «ستارتب بلينك» السنوية لأفضل 100 وجهة عالمية لبدء المشاريع التجارية [3].
إن وجود بيئة رقابية تجريبية في البحرين أمر مهم جدًا، فالقطاع المالي يساهم بأكثر من 16.5% في الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيه عدد كبير من البحرينيين بلغ عددهم 14148 في عام 2018. إن البحرين مركز لـ 376 مؤسسة مالية ومصرفية، من بينها 94 مصرفاً مرخصًا بأصول تبلغ قيمتها 205.5 مليار دولار أمريكي في عام 2019. بالإضافة إلى ذلك، تستضيف مملكة البحرين 52 شركة استثمارية و147 شركة تأمين و53 شركة مرخصة متخصصة و19 مؤسسة صرافة حتى عام 2020[4] . وتُعتبر المملكة أيضًا مركزًا هامًا لمؤسسات الصيرفة الاسلامية مع وجود أكثر من 20 مؤسسة مالية مختلفة [5]. وقد أصدر مصرف البحرين المركزي إطار عمل البيئة الرقابية التجريبية في مايو 2017 [6]، ويُعتبر هذا الإطار أحد التشريعات التي أصدرتها البحرين والتي تتعلق بالقطاع المالي مثل قانون مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية وقانون مكافحة غسيل الأموال.
وهناك معايير متعددة لاختيار الشركة في البيئة الرقابية التجريبية، فمثلا، يجب أن تكون الخدمات المقترحة للبيئة الرقابية التجريبية مبتكرة ومختبرة فنيًا من طرف ثالث وتكون لدى الشركات نية وقدرة على نشر وتطبيق الخدمة، بعد انتهاء فترة التجربة التي تمتد إلى 9 أشهر.
وفي النهاية، تُعتبر البيئة الرقابية التجريبية تجربة جديدة وهي قيد التطوير، وهي ضرورية ومُلحة بالنسبة للبحرين بشكل خاص والعالم بشكل عام لمواكبة التطورات في التكنولوجيا المالية، فمن لا يواكب التكنولوجيا سيتخلف عن الركب، ولنا في التاريخ عبرة من الشركات والدول التي لم تتواكب مع التكنولوجيا.
المراجع:
1. أخبار الخليج | المصرف المركزي يطلق مبادرة بيئة رقابية تجريبية للتكنولوجيا المالية
الرابط 2. The Role Of Regulatory Sandboxes In Fintech Innovation
الرابط 3. البحرين ضمن أفضل 100 وجهة للشركات الناشئة - صحيفة الأيام البحرينية
الرابط 4. بيان عن القطاع المالي | مصرف البحرين المركزي
الرابط 5. المصدر السابق 6. التكنولوجيا المالية والابتكار | مصرف البحرين المركزي
بقلم:
مصطفى العديلي
"رئيس مكتب أعمال اكسبرس المشرق للترجمة مؤلف ومدرب تنمية بشرية"
Comments