للإستماع للمقالة:
سرعان ما استجابت الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لأحتواء فيروس كورونا (Covid-19) من خلال تطوير سياسات جليلة وخطط مؤسسية لدعم الشركات والأسر، فقد ساعدت إجراءات الاحتواء الصارمة علي الحد من تفشي المرض ونشر العدوى.
فأن بروز ما يمكن وصفة (النموذج البحريني) في التصدي للجائحة وإدارة ملفاتها لهو النجاح الفعلي الذي تؤكده الأرقام والنتائج والمعالجات التي تدعمه المؤسسات العالمية الأكثر جدارة في علوم إدارة الأزمات. وهذا ما سنتناوله في المقال التالي وقبل أن نستطرد بالإشادة بجهود الحكومة ونجاح النموذج البحريني دعونا نتناول
حالة فيروس كورونا في مملكة البحرين وتدابير احتواء الجائحة:
مروراً بالتفشي وإدارة الأزمة الصحية فقد بذلت مملكة البحرين جهود مهمة لمعالجة الأزمة الصحية لفيروس كورونا في وقت مبكر في أعقاب تفشي الجائحة ، فقد أعلنت البحرين حالة الطوارئ الوطنية وأغلقت حدودها وفرضت تدابير احتواء صارمة. فالجدير بالذكر أن البحرين لم تنتظر حتى يتم تأكيد الحالات لبدء فرض القيود علي الحركة والالتزام بالتباعد الاجتماعي ، بما في ذلك العزل الذاتي الإلزامي وتقييد حركة المواطنين وحظر التجوال ليلاً من (مارس – مايو)، وتحريم التجمهر لأكثر من 5 اشخاص في الأماكن العامة ، وفرض الأقنعة الإلزامية في جميع المناطق العامة ووسائل المواصلات.
علاوة على ذلك فقد دفعت الجائحة اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط القيام باستثمارات كبيرة في قطاع الرعاية الصحية.
فقد تمكنت البحرين من رفع مستوي النظام الصحي للاستجابة لتفشي الأزمة ، فعززت من قدرتها علي إجراء الفحص من خلال فتح مواقع جديدة وإنشاء محطات فحص من خلال نواففذ المركبات .
حيث سلطت جائحة فيروس كورونا الضوء على مدى مرونة قطاع الرعاية الصحية للاقتصاد البحريني، فقد قامت المملكة باستثمارات كبيرة في البنية التحتية للرعاية الصحية ، إلى جانب الجهود المبذولة لزيادة عدد الأطباء والعاملين في التمريض .
إذ نشر في منتصف مارس من هذا العام تقييم للتأهب لفيروس كورونا من قِبل منظمة الصحة العالمية ، والذي صنف البلدان على مقياس 1 (عديمة الثقة ) إلي 5 (قدرة مستدامة)، وسجلت جميع دول مجلس التعاون الخليجي ما بين 4 أو 5 ونجحت كلأ من الأمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في السيطرة علي المرض من خلال التدابير الوقائية الصارمة المعتمدة والمنفذة بشكل فعال في وقت مبكر ، وأحتلت كلتا الدولتان المرتبة الأولي والثالثة علي التوالي من حيث عدد الفحوصات الجديدة 1000 شخص اعتباراً من أواخر ديسمبر .
التطورات في النظم الصحية والسياسات الصحية في مملكة البحرين :
من المرجح أن تعزز التطورات الخاصة بلقاح فيروس كورونا التجهيزات والبنية التحتية لقطاع الرعاية الصحية علي سبيل المثال دخول كل من (مملكة البحرين والأمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية والمغرب) في شراكة مع دول أجنبية لاسيما (الصين واسرائيل) وشركات خاصة على حد سواء لدعم أبحاث اللقاحات ، وأنخرطت البحرين في مراحل اختبار متقدمة فقد بدأت تجارب المرحلة الثالثة في الأمارات والبحرين للقاحات طورتها شركتان صينيتان هما (Sinopharm –Cacsino) على التوالي.
إذ أنه مع زيادة الاستثمار (العام والخاص) في توفير الرعاية الصحية ستزداد الفرص المتاحة للقطاع الخاص لدعم تطوير النظم الصحية . وفقاً للتقرير الصادرعن بنك المشرق وفروست أند سوليفان أن أزمة فيروس كورونا عززت بشكل كبير الأستثمارات في التحول الرقمي والرعاية الصحية عن بُعد ، اذ يُقدر البحث أن الأستثمار السنوي في البنية التحتية الرقمية في دول مجلس التعاون الخليجي سينمو نحو 10% - 20% خلال العامين المقبلين ، بينما من المتوقع أن تتضاعف الاستثمارات عن بعد بأربعة مرات بحلول الربع الرابع من عام 2020
ردود إستيراتيجية لحكومة البحرين للتصدي للأزمة:
أعتمدت الحكومة الوطنية تدابيرسريعة لتعزيز التنسيق المؤسسي من خلال أنشاء كيانات مشتركة بين الوزارات بعد تأكيد الحالات الأولي للفيروس ، وشملت التدابير إنشاء لجان فنية وعلمية مُكلفة لرصد وتقييم الوضع الراهن وتوقع التداعيات المباشرة والغير مباشرة للفيروس علي الأقتصاد البحريني .
بالإضافة لتبني البحرين لتدابير ضمان استمرارية الخدمات العامة فقد تم تطوير ترتيبات العمل عن بُعد لتسهيل سير العمل المستمر للإدارة العامة، بالإضافة لتنفيذ المملكة لتدابير الاتصال العامة من خلال الحملات الإعلامية عبر الإذاعة والتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي بين المواطنين حول قواعد النظافة والتدابير الوقائية والتباعد الاجتماعي التي يجب اتخاذها للحد من انتشار الفيروس.
التأثيرات الاقتصادية والمالية على الاقتصاد البحريني:
تسببت الجائحة في اضطرابات اقتصادية على منطقة الشرق الأوسط وافريقيا من خلال الصدمات المتزامنة بما في ذلك انخفاض الطلب المحلي والخارجي، وانخفاض اسعار النفط، وتعطل التجارة، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين .
ومع ذلك فمن المهم التأكيد علي الجهود المالية الغير مسبقة التي بذلتها مملكة البحرين للتخفيف من عواقب الأزمة في دعم الأسر والشركات. فقد أعلنت مملكة البحرين عن خطة تحفيزية بقيمة 560 مليون دينار بحريني أي ما يعادل (4.2)% من إجمالي الناتج المحلي متضمناً دفع الأجور وفواتير الخدمات والاعفاء من الرسوم المختلفة (البلدية وتصريح العمل والإيجار) بالإضاقة لدعم أسعارالمياه والكهرباء للمواطنين. فقد رفع مصرف البحرين المركزي سقف تسهيلات قروضه إلى 3.7 مليار دينار بحريني، وخفض معدلات الفائدة الرئيسية إلي 7.1% بالإضافة لمضاعفة صندوق دعم السيولة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة توجيه برامج مساعدة القروض لدعم الشركات المتضررة بشدة من جراء الأزمة .
فضلاً عن التدابير التي تستهدف قطاع السياحة والعمل علي تنشيطه، والإعلان عن زيادة قدرها 5.5 مليون دينار بحريني للمنافع الاجتماعية للأسر ذات الدخل المنخفض المتضررين من الأزمة.
ولاشك بأن كل أزمة تحمل في طياتها مقومات النجاح وأسباب الفشل لكن من يبحث عن النجاح الكامن في قلب الأزمة ويذللها لخدمته لن تعيقه أسباب الفشل ، بل لن يسقط في طياتها وهذا ما سعي ودعي إليه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفه حفظه الله ملخصاً تاريخ أجداده في مواجهة الأزمات ليقدم لشعبه وللعالم أجمع الدروس في علم إدارة الأزمات .
دُمت فخراً يالبحرين ، ودام عزك يا وطن وحفظك الله من كل سوء...
المصادر :
1. “Healthcare: Growth behind the mask”, Arabia Monitor, September 2020
2. Coronavirus pandemic threatens to plunge millions in Arab region into poverty and food insecurity | | UN News
3. Daily COVID-19 tests per thousand people, Dec 18, 2020
4. Confronting the COVID-19 Pandemic in the Middle East and Central Asia
5. Regional Economic Outlook: Middle East and Central Asia
6. Tackling coronavirus (COVID‑19)
7. ESCWA covid 19 economic cost arab region
8. Health Workforce
9. Coping with a Dual Shock: COVID-19 and Oil Prices
10. Migration and Development Brief 32, April 2020, 38 World Bank, « COVID-19 crisis through a migration lens
بقلم:
آلاء الله أسامة
"باحثة اقتصادية"
Instagram: @alaa._usama
Comments